بسم الله الرحمن الرحيم
السطر الأول
قضيت في عمان حتى كتابتي هذه الكلمات ثمان سنوات بحلوها ومرها وهوانها، ويعلم
الله أني أحب هذه البلد كحب أهلها لها وزيادة ، فحب أهلها لها واجب وحبي لها فرض ونافلة،
ففيها أمنا على أنفسنا وأهلنا وكفى بها نعمة ، وبها آل الحضرمي وكفى بهم فضلاً
ومنحة، ومن نعمها أنْ على رأسها سلطان عادل لا يظلم عنده إنسان، ولا يُكْلم عنده جَنَان، وربما لو علم بنا لما رضي لنا الهوان، لكنه لا ينبغي لصاحب قرءان، أن يقف بباب السلطان، وهو
يحمل كلام ملك الملوك، وبيده نواصي السلاطين
والملوك، فهو حسبنا نعم المولى ونعم
النصير، وإليه المآل والمصير.
سافر قبلي الشيخ الفاضل، والعالم المناضل، الشيخ أحمد نصر همام ، إلى سلطنة
عمان ليعمل بها خطيبًا وإماما، وهو ممن يتزيى بزي الأزهر،والجامع الأكبر، فأخبر أن هناك
عظيمًا بسمائل، عَلى ربه أقبل، ووافته
المنية وتنبل ، وأتاه الأجل على عجل، فذهب مع من يكفل إقامته للعزاء، لأداء الواجب
وطلب الجزاء، من رب الأرض والسماء، فلقيه
هناك ولده وسأله عن شيخ متفنن في علمه، أديب في نظمه وكلمه، هَيّين في أدبه وخلقه،لا
يسبقه سابق، ولا يلحق به لاحق، فدله علي وأشار له بسبابته نحوي، فاتصل بي الرجل،
على عجل ، وتوالت الرسائل، من الفيحاء سمائل، والقلب منها وجل، متخوف من الردى
والزلل، وتراسلت مع الرجل ليعرف مَقامي، في وطني ومُقامي، ولأعرف ما أنا مقدم عليه، وتارك موطني وأهلي لأجله، فأرسلت إليه هذه الرسالة،
أبين له ما حملني الله به من أمانة، وأن تعليم كتاب الله ليس حرفة ولا مهنة، إنما فضل من الله ونعمة، وأمانة عظيمة علقت
بالرقبة، هذا نصها وسطرها وحرفها.