-->
U3F1ZWV6ZTIxMjczMTA0OTU1X0FjdGl2YXRpb24yNDA5OTQ5MzAyNzQ=
recent
أخبار ساخنة

السر الكامن في قراءة (أرنا وأرني) لابن عامر

 السر الكامن في قراءة (أرنا وأرني) لابن عامر

(أَرِنَا.أَرِنِي .. أَرْنَا.أَرْنِي)

)رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ([1]

)وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِي كَيۡفَ تُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ([2]

قرأ ابن كثير والسوسي ويعقوب قوله تعالى: وَأَرِنا مَناسِكَنا [البقرة: 128]، وأَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء: 153]، وأَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف: 143]، بسكون الكسر.

وقرأ شعبة وابن عامر معهم بموضع سورة فصلت في قوله تعالى: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا [فصلت:29]، وقرأ الدوري بإخفاء الكسر في أرنا وأرني حيث وقع، وقرأ باقي القراء بالكسر في الجميع[3].

فالحجّة لمن كسر الراء في (أَرِنَا) و (أَرِنِي)

 أنه يقول: الأصل في هذا الفعل (أَرْإِيْنَا) على وزن «أَكْرِمْنَا» فنقلت كسرة الهمزة إلى الراء، وحذفت الهمزة تخفيفا للكلمة، وسقطت الياء للأمر[4]. فصارت الكلمة (أَرِنِي)

والحجة لمن سكن الراء في (أَرِنَا) و (أَرِنِي)

 طلب التحفيف لأجل الثقل الحاصل بتولي الحركات وقوى ذلك أن كسرة الراء بمنزلة كسرتين، وأنها ليست بحركة إعراب، وقد أنكر بعض الناس الإسكان واحتج بأن أصل (أرِنَا) و (أَرِنِي) (أَرْإِنَا و أَرْإِني) فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وحذفت وبقيت الكسرة دالة على الهمزة المحذوفة، قال فذهابها يخل بدلالتها، وأنكر الفارسي على من أنكر ذلك واحتج بالإجماع على إدغام (لكنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) مع أن فيه بالإدغام ما في هذا لأن أصله (لكن أنا) فنقلت حركة الهمزة إلى النون وحذفت وبقيت الفتحة دالة عليها ثم سكنت النون الأولى وأدغمت في الثانية[5].

وقال ابن الجزري في النشر: فإن من يزعم أن أئمة القراءة ينقلون حروف القرآن من غير تحقيق ولا بصيرة ولا توقيف فقدكان ظن بهم ما هم منه مبرؤن وعنه منزهون[6].

والحجة لشعبة وابن عامر بالإسكان في فصلت وإتمام الحركة فيما عداه

قال الخليل: وتقول : أرِني يا فلان ثَوْبَكَ لأراه فإذا استعطيته شيئا ليُعْطِيَكَه لم يقولوا إلا أرْنا بسكون الرّاء يجعلونه سواء في الجمع والواحد والذكر والأنثى كأنها عندهم كلمة وُضِعت للمُعاطاة خاصة ومنهم من يُجريها على التصريف فيقول : أَرِني وللمرأة أريني ويفرّق بين حالاتهما وقد يُقْرأ ( أرْنا اللذين أضلاّنا) على هذا المعنى بالتَّخفيف والتَّثْقيل ومن أراد معنى الرُّؤْية قرأها بكسر الرّاء فأما ( أرِنا الله جَهْرَة ) و ( أرِنا مَناسِكَنا ) فلا يُقْرأ إلاّ بكَسْر الرّاء[7]

وقال الفخر الرازي: وَحَكَوْا عَنِ الْخَلِيلِ أَنَّكَ إِذَا قُلْتُ أَرِنِي ثَوْبَكَ بِالْكَسْرِ، فَالْمَعْنَى بَصِّرْنِيهِ وَإِذَا قُلْتَهُ بِالسُّكُونِ فَهُوَ اسْتِعْطَاءٌ مَعْنَاهُ أَعْطِنِي ثَوْبَكَ[8].

وقال الزمخشري: وقيل: معناه أعطنا للذين أضلانا. وحكوا عن الخليل: أنك إذا قلت: أرنى ثوبك بالكسر، فالمعنى: بصرنيه. وإذا قلته بالسكون، فهو استعطاء، معناه: أعطنى ثوبك: ونظيره: اشتهار الإيتاء في معنى الإعطاء. وأصله: الإحضار[9]

وعليه فقد فرق ابن عامر وشعبة في إسكان الراء في فصلت وكسرها في البقرة والنساء بأن جعل (أَرِنَا) مكسورة الراء بمعنى الرؤية، أما ساكنة الراء (أَرْنَا) بمعنى الاستعطاء، أي: أعطنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا..... والله أعلم

 



[1] سورة البقرة الآية 128

[2] سورة البقرة الآية 260

[3] انظر سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي 1/157 والإيضاح في شرح الدرة صـ 84

[4] الحجة في القراءات السبع لابن خالويه 1/78، وانظر البحر المحيط 1/ 623 والموضح في وجوه القراءات وعللها صـ 302

[5] شرح الفاسي على الشاطبية 1/564 وانظر المصادر السابقة

[6] النشر في القراءات العشر 2/244

[7] كتاب العين للفراهيدي 8/310

[8] التفسير الكبير للفخر الرازي 27/559 ترقيم الشاملة

[9] الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل للزمخشري 4/198

الاسمبريد إلكترونيرسالة