-->
U3F1ZWV6ZTIxMjczMTA0OTU1X0FjdGl2YXRpb24yNDA5OTQ5MzAyNzQ=
recent
أخبار ساخنة

المنحة الإلهية في شرح وتوجيه القراءات القرآنية (قيل وأخواتها)

 


قيل وأخواتها

الشرح في حلقة مرئية اضغط هنا 

(جِيء وغِيضَ وقِيلَ وحِيلَ وسِيقَ وسِيئَ وسِيئَتْ)

إذا كان الفعل ماضياً صحيح العين، خالياً من التضعيف وجب ضم أوله وكسر ما قبل آخره إن لم يكن مكسوراً من قبل، نحو: فتحَ العملُ بابَ الرزق، فيقال: فُتِحَ بابُ الرزق، ونحو: شَرِب المريض العسلَ، فيقال: شُرِبَ العسلُ.

وإن كان معتل العين فيكون بناؤه للمجهول كما هذه الأفعال تكون (سُوِيءَ، وقُوِلَ، وحُوِلَ، وسُوِقَ، وغُيِضَ، وجُيِءَ) منها أربعة أصل الثاني منها واو وهي (سيء وسيق وحيل وقيل) ومنها فعلان أصل الثاني منها ياء وهما (غيض وجيء) فألقيت حركة الثاني منها على الأول فانكسر وحذفت ضمته ، وسكن الثاني منها ، ورجعت الواو إلى الياء لانكسار ما قبلها وسكونها.

قال ابن مالك رحمه الله في الماضي الثلاثي مُعَلِّ العين.

وَاكْسِرْ أَوَ اشْمِمْ فَا ثُلاَثِيٍّ أُعِلّ……عَيْناً وَضَمٌّ جَا كَبُوعَ فَاحْتُمِلْ

فإذا كان الماضي ثلاثياً معلَّ العين جاز في فائه عند بنائه للمجهول ثلاثة أوجه - سواء كان واوياً أو يائياً - وهي:

(1) إخلاص الكسر، فينقلب حرف العلة ياء، وهذا هو الأفصح نحو: صام المسلم رمضان، باع التاجر بضاعته، فيقال: صيم رمضان وبيعت البضاعة، قال تعالى: (وقيل يا أرض ابلعي مآءك وياسماء أقلعي وغيض المآء.

(2) إخلاص الضم، فينقلب حرف العلة واواً، وهذا أضعف الأوجه نحو: صُوم وبُوع. قال الشاعر:

(3) والإشمام: وهو في النطق لا في الكتابة، وهو عند النحاة النطق بحركة صوتية تجمع بين ضمة قصيرة وكسرة طويلة على التوالي السريع، وقد قرئ في السبعة (وقيل يا أرض ابلعي بالإشمام في (قيل وغيض).

وجواز الأوجه الثلاثة مشروط بألا يحصل لبس، وإلا وجب العدول عنه إلى ضبط آخر لا لبس فيه، كما سيذكر ذلك([1]).

قال في جامع البيان والفعل هنا وإن كان مكسورا فأصله الضم على ما لم يسم فاعله، فأشمت الضم دلالة على أنه أصل ما يستحقه، وهي لغة فاشية للعرب، وأبقوا شيئا من الكسر تنبيها على ما تستحقه من الإعلال([2]).

وقال أبو حيان: الْفِعْلُ الثُّلَاثِيُّ الَّذِي انْقَلَبَ عَيْنُ فِعْلِهِ أَلِفًا فِي الْمَاضِي، إِذَا بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ، أَخْلَصَ كَسْرَ أَوَّلِهِ وَسَكَنَتْ عَيْنُهُ يَاءً فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ وَمُجَاوِرِيهِمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وَضُمَّ أَوَّلُهَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ قَيْسٍ وَعَقِيلٍ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ، وَعَامَّةِ بَنِي أَسَدٍ. وَبِهَذِهِ اللُّغَةُ قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَهُشَامٌ فِي:قِيلَ، وغيض، وحيل، وسيىء، وَسِيئَتْ، وَجِيءَ، وَسِيقَ. وَافَقَهُ نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ فِي سيىء، وَسِيئَتْ. زَادَ ابْنُ ذَكْوَانَ: حِيلَ، وَسِيقَ. وَبِاللُّغَةِ الْأُولَى قرأ باقي القراءة، وَفِي ذَلِكَ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ إِخْلَاصُ ضَمِّ فَاءِ الْكَلِمَةِ وَسُكُونِ عَيْنِهِ وَاوًا، وَلَمْ يُقْرَأْ بِهَا، وَهِيَ لُغَةٌ لِهُذَيْلٍ، وَبَنِي دُبَيْرٍ([3]).

وبالنظر إلى قيل وأخواتها (جِيء وغِيضَ وقِيلَ وحِيلَ وسِيقَ وسِيئَ وسِيئَتْ) وهي تنقسم إلى أربعة أقسام

1- أفَعَال يائية العين: وهي جِيء من جَاءَ يجيئُ ، و(غِيْضَ) من غَاضَ يَغِيضً،

2- أفعال واوية العين وليس في أحد تصاريفيها (ياء) وهي (حِيْلَ) من حَالَ يَحُولُ، وسِيقَ يسوق) وهذه الأفعال حصل فيها إعلان، الأول نقل حركة عين الكلمة إلى فائها ، وقلب الواو ياء.

3- أفعال واوية صحيحة اللام وفي أحد تصاريفها ياء وهي (قِيلَ) من قَالَ يقول قولاً وقيلاً ومنها قوله الله (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا)([4]) وقوله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا)([5]) وقوله (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)([6])، وإن كانت (قيلا) على وزن (فِعْل) من (قِوْلا) فقلبت الواو ياء للمناسبة.

4- وأفعال واوية مهموزة اللام (سِيئ) من ساء يسوء ، السُّوء والسَّوْء والسيئ ومنها قوله تعالى (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)([7]) وإن كانت كلمة (السيئ) أصلها واو (السَّيْوِئ) فنقلت حركة الواو إلى الياء وقلبت الواو ياء للمناسبة.

وعلى هذا الذي سبق

فقرأ الكسائي وهشام ورويس بالإشمام في الأفعال الستة، إشارة إلى الأصل في حركة الفاء،  وقرأ ابن ذكوان بالإشمام في الأفعال الواوية (حيل وسيق وسيئ) نظرًا إلى ما أعل من عين الكلمة (وهو قلب الواو ياء) فأشم إشارة إلى الواو ولم يلتفت لحركة فاء الكلمة، وقرأ الأفعال اليائية (غيض وجيئ) بإخلاص الكسر، لأن عين الكلمة لم تعل فهي كما هي (ياء)  وألحق (قيل) بالأفعال اليائية لأن في أحد تصاريف (قيل) بالياء، وقرأ نافع بالإشمام فقط في (سيئ) مهموزة اللام ، والمعروف أن الهمز وحروف المد هي الحروف التي تقبل القلب والإعلال، فأشم إشارة إلى أصل عين الكلمة(واو) وأكد بالإشمام خوفًا من إعلال لام الكلمة (الهمز) لأن الهمز من الحروف التي تعل بعلل صرفية. وهذا ما وصلت إليه في توجيه هذه الكلمات والباب مفتوح لمن يأتي ويضيف أو يبدل([8]).

والله أعلم

 



([1]) دليل المسالك إلى ألفية ابن مالك 1/187 ، وانظر حاشية الخضري على ابن عقيل 1/676 ، وحاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك 1/788

([2]) جامع البيان في القراءات السبع» لأبي عمرو الداني (3/ 1207):

([3]) البحر المحيط لابن حيان 1/100

([4]) سورة طه الآية44

([5]) سورة النساء الآية 122

([6]) سورة الواقعة الآية 26

([7]) سورة فاطرالآية 42

([8]) وحفظ الله سيدي الشيخ/ محمد أبو عجوة القرشي لما شد به عضدي من تشجيع على الصبر والبحث وأنشدني هذه الأبيات:

لاَ تَيأَسَنَّ وَإنْ طَالتْ مُطَالبَةٌ

 

إِذَا اسْتَعَنْتَ بَصَبْرٍ أَنْ تَرَى فَرَجَا

أَخْلِقْ بِذِي الصَّبْرِ أَنْ يَحْظَى بِحَاجَتِهِ
 

 

وَمُدْمِنِ القَرْعِ للأَبوَابِ أَنْ يَلِجَا

كما أشكر الصديق والأخ الحبيب الدكتور/ عزت شوقي المحمدي على مساندته ومناقشاته التي كانت سببًا رئيسًا في الوصول لهذا التوجيه.

الاسمبريد إلكترونيرسالة