-->
U3F1ZWV6ZTIxMjczMTA0OTU1X0FjdGl2YXRpb24yNDA5OTQ5MzAyNzQ=
recent
أخبار ساخنة

المنحة الإلهية في شرح وتوجيه القراءات القرآنية (هو وهي) بعد الواو والفاء وأخواتها

 

هي وهو بعد الواو والفاء وأخواتها

لمشاهدة الحلقة اضغط هنا

هو وهي واللغات الواردة فيها

أولاً: الحرف الأخير (الواو والياء)

ذهب الكوفيون إلى أن الاسم من "هو، وهي" الهاء وحدها.

وذهب البصريون إلى أن الهاء والواو من "هو" والهاء والياء من "هي" هما الاسم بمجموعهما.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن الاسم هو الهاء وحدها دون الواو والياء أن الواو والياء تحذفان في التثنية، نحو "هما" ولو كانتا أصلًا لما حذفتا.

والذي يدل على ذلك أنهما تحذفان في حالة الإفراد أيضا وتبقى الهاء وحدها، قال الشاعر، وهو العُجَير السَّلُولِي جاهلي:

فَبَيْنَاهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قال قائل: ... لمن جَمَلٌ رِخْوُ المِلَاطِ نَجِيبُ

أراد "بَيْنَا هو" وقال الآخر:

بَيْنَاهُ في دار صدق قد أقام بها ... حينًا يُعَلّلُنَا وما نُعَلِّلُهُ

أراد "بَيْنَا هو" وقال الآخر:

إِذَاهُ سِيمَ الخَسْفَ آلَى بِقَسَمْ ... بالله لا يأخذ إلا ما احْتَكَمْ

أراد "إذا هو" وقال الآخر:

دارٌ لِسُعْدَى إذْهِ مِنْ هَوَاكَا

أراد "إذ هي" فحذف الياء؛ فدل على أن الاسم هو الهاء وحدها، وإنما زادواالواو والياء تكثيرًا للاسم، كراهية أن يبقى الاسم على حرف واحد، كما زادواالواو في قولهم: "ضربتهُو، وأكرمتهُو" وإن كانت الهاء وحدها هي الاسم، فكذلك ههنا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن الواو والياء أصل أنه ضمير منفصل، والضمير المنفصل لا يجوز أن يبنى على حرف واحد؛ لأنه لا بد من الابتداء بحرف والوقف على حرف؛ فلو كان الاسم هو الهاء وحدها لكان يؤدِّي إلى أن يكون الحرف الواحد ساكنًا متحركًا، وذلك محال؛ فوجب أن لا تكون الهاء وحدها هي الاسم.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: "إن الواو والياء تحذفان في التثنية نحوهما" قلنا: إن "هما" ليس بتثنية على حدّ قولك في زيدٍ زيدان وعمرو عمران، وإنما هما صيغة مرتجلة للتثنية كأنتما، ألا ترى أنه لو كان تثنية على حدّ قولهم "زيدان، وعمران" لقالوافي تثنية هو "هُوانِ" وفي تثنية أنت "أنتان" ولكان يجوز أن يدخل عليهما الألف واللام فيقال "الهُوَان، والأَنْتَانِ" كما يقال الزيدان، والعمران، فلما لم يقولواذلك دلّ على أنها صيغة مرتجلة للتثنية، وعلى أنه لو كان الأمر كما زعمتم فليس لكم فيه حجة؛ لأن الحرف الأصلي قد يحذف لعلة عارضة، ألا ترى أن الياء تحذف في الجمع في نحو قولهم: "قاضُون، ورامُون" والأصل قاضِيُون، ورامِيُون، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة عنها؛ فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع ساكنة، فاجتمع ساكنان، وساكنان لا يجتمعان؛ فحذفت الياء لالتقاء الساكنين وإن كانت أصلية لعلة عارضة، فكذلك ههنا، والعلة ههنا في إسقاطهما أن الواو التي قبل الميم في التثنية والجمع يجب أن تكون مضمومة، والضمة في الواو مستثقلة؛ فلذلك سقطت، وإنما وجب أن تكون مضمومة لأنها لو كسرت لكان ذلك مستثقلًا من وجهين.

أحدهما: لأنه خروج من ضم إلى كسر، وذلك مستثقل، ولهذا ليس في الأسماء ما هو على وزن فُعِل إلا "دُئِل" اسم دُوَيْبَّة و"رُئِم" اسم للسَّهِ، وهما في الأصل فعلان نقلا إلى الاسمية، وحكى بعضهم "وُعِلٌ" في الوَعِل.

والثاني: أن الكسرة تستثقل على الواو أكثر من استثقال الضمة عليها؛ ولهذا تضم لالتقاء الساكنين في نحو قوله: {اشْتَرَواالضَّلالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] ولا تكسر إلا على وجه بعيد، ولو بقيت الواو من "هو" كما كانت مفتوحة وقد زيد عليها الميم والألف لَتُوُهِّمَ أنها حرفان منفصلان؛ فوجب أن تغير الحركة التي كانت مستعملة في الواحد إلى الضم كما غيرت في "أنتما" ووجب أيضا ذلك في "أنتما" لأنها لو فتحت وكسرت لجاز أن يتوهم أنها كلمتان منفصلتان، فاجتلبواحركة لم تكن في الواحد لتدل على أنها كلمة واحدة، وأَجْرُواجميع المضمر في التثنية والجمع هذا المُجْرَى.

وقيل: إنما ضُمَّتْ التاء في التثنية حملا على الجمع؛ لأنها في التقدير كأنها وليت الواو في "أنتمو" وإنما حملت التثنية على الجمع ليشتركا في ذلك كما اشتركا في الضمير في "نحن" وزيدت الميم في التثنية لوجهين:

أحدهما: أن التثنية أكثر من الواحد، وفي المضمرات ما هو على حرف واحد، فكثر اللفظ كما كثر العدد؛ فلذلك زيد في التثنية حرف، وحمل جميع المضمرات عليه.

والثاني: أن القافية فيه إذا كانت مطلقة وحرف الرويّ مفتوح وُصِلَ بالألف، ولهذا يسمى ألف الوصل والصِّلَة، قال الشاعر:

يا مُرَّ يا بن واقعٍ يا أَنْتَا ... أنت الذي طَلّقْتَ عَامَ جُعْتَا

 

 اللغات الواردة في هو وهي

وقال ابن مالك وتشددهما همدان، ويجوز في اللغة الأولى تسكين الهاء فيهما بعد الواو، والفاء، وثم، واللام، وهي لغة نجد، والتحريك بعدهن لغة الحجاز، وقد تسكن الهاء بعد همزة الاستفهام وكاف الجر قال ابن مالك: ولم يجيء إلا في الشعر انتهى([1])

ثانيًا: الحرف الثاني

وقال أبو الهَيْثم : بَنُو أَسَدٍ تسكِّنُ هُوَ وهِيَ فيقولون : هُوْ زيدٌ وهيْ هنْدٌ ، كأَنَّهم حذَفُوا المُتَحَرِّكَ ، وهيْ قالَتْه وهُوْ قالَهُ([2])

أما في حال الوقف

وإذا وقفت على "هُوَ وهِيَ"، قلت هُو وهي" بإسكان الواو والياء، و "هُوَهْ وهِيَهْ" بزيادة هاءِ السكت. وفي التنزيل "وما أَدراك ما هِيَه؟". وقال الشاعر

*إذا ما تَرَعْرَعَ فينا الغُلامُ * فما إنْ يُقالُ لهُ مَنْ هُوَهْ؟*

هذا في لغة من فتح الواو والياء، في "هو وهيَ" في الوصل. أما من سكنها في درج الكلام، فلا يقف بهاء السكت بل بالواو والياء ساكنتين، كما ينطقُ بهما كذلك في الدَّرج([3])

وإنما حركا لتصير الكلمة مستقلة حتى يصح كونها ضميراً منفصلاً إذ لولا الحركة لتوهم كونهما للإشباع([4])

واعلم أن كل شيء كان أول الكلمة وكان متحركا سوى ألف الوصل فإنه إذا كان قبله كلام لم يحذف ولم يتغير إلا ما كان من هو وهي فإن الهاء تسكن إذا كان قبلها واو أو فاء أو لام، وذلك قولك: وهو ذاهب، ولهو خير منك وفهو قائم، وكذلك هي لمّا كثرتا في الكلام، وكانت هذه الحروف لا يلفظ بها إلا مع ما بعدها صارت بمنزلة ما هو من نفس الحرف، فأسكنوا كما قالوا في فخذ فخذ وفي رضي رضي وفي حذر حذر وفي سرو سرو. فعلوا ذلك حيث كثرت في كلامهم وصارت تستعمل كثيرا فأسكنت في هذه الحروف استخفافا ".

قال أبو سعيد: يريد أن قولهم فهو وهو لمّا كثرت في كلامهم وكانت الواو والفاء لا ينفردان صار بمنزلة سرو وقضو وعضد وعجز وكثرتا في الكلام اختير فيها تسكين الهاء. وفي الناس من يقول: وهو وفهي فيضم الهاء ويكسرها ولا يخفف، وهو جيد بالغ([5])

وتسكينُ هاء "هو" و"هي" بعد الواو والفاء والام وثمَّ جائزٌ، وقد تسَكَّنُ بعد همزة الاستفهام، وكافِ الجَرِّ، وتحذف الواو والياء اضطرارا، وتُسَكِنهما قيس وأسد، وتُشَدِّدهما هَمْدان.

في هو وهي مخالفة للنظائر من وجهين: أحدهما بناؤهما على حركة بعد حركة، وإنما يكون ذلك فيما بناؤه عارض كالمنادى واسم لا، أو فيما حذف منه حرف كأنا. والثاني سكون أولهما بعد الحروف المذكورة.

فأما سبب بنائهما على حركة فقصد امتيازهما من ضمير الغائب المتصل، فإنه في اللفظ هاء مضمومة وواو ساكنة، أو هاء مكسورة وياء ساكنة، فلو سكن آخر هو وهِي لالتبس المنفصل بالمتصل، ولم يبال بذلك قيس وأسد حين قالوا: هُو قائم، وهي قائمة، لأن موضع المنفصل في الغالب يدل عليه فيؤمن التباسه بالمتصل. وإما قلت في الغالب، لأن من المواضع ما يصلح للمتصل والمنفصل نحو: من أعطيته زيد، ومن لم أعطه منه هند، فيجوز أن يراد بالضميرين الاتصال فيكونا مفعولين، وأن يراد بهما الانفصال على لغة قيس وأسد فيكونا مبتدأين، والعائد محذوف، والأصل: من أعطيته هو زيد، ومن لم أعطها هي هند، ثم حذف العائدان لمفعوليتهما واتصالهما، وأسكن آخر هو وهي فأشبها متصلين.

ويجوز أن يكون الأصل: هُوّ وهِيّ كما يقول همدان، ثم خففا وتركت الحركة مشعرة بالأصل.

وأما تسكين الهاء ففرارا من مخالفة النظائر، وذلك لأنه ليس في الكلمات ما هو على حرفين متحركين ثانيهما حرف لين غيرهما، فقصد تسكين أحدهما، فكان ثانيهما أولى، إلا أنه لو سُكِّنَ وُقِعَ بتسكينه في التباس المنفصل بالمتصل، فعُدِل إلى تسكين الأول من الحروف المذكورة لأنها كثيرة الاستعمال، وبمنزلة الجزء مما يدخل عليه، أعني الواو والفاء واللام، وألحقت بها ثم. وبمقتضى ذلك قرأ قالون والكسائي ووافقهما أبو عمرو مع غير ثم، ولم يجئ السكون مع الهمزة والكاف إلا في الشعر([6])



([1]) ارتشاف الضرب من لسان العرب أبي حيان الأندلسي 2/928

([2]) تاج العروس40/545

([3]) جامع الدروس العربية 46/3

([4]) حاشية الخضري على ابن عقيل

([5]) شرح الكتاب لسيبويه 5/20

([6]) شرح تسهيل الفوائد لابن مالك 143 تحقيق الدكتور/  عبد الرحمن السيد والدكتور محمد بدوي المختون

الاسمبريد إلكترونيرسالة