-->
U3F1ZWV6ZTIxMjczMTA0OTU1X0FjdGl2YXRpb24yNDA5OTQ5MzAyNzQ=
recent
أخبار ساخنة

أسلوب المغالطة الجدلية بين المكر والالتفاف

 


أسلوب المغالطة الجدلية بين المكر والالتفاف

وهو من أمكر الأساليب الجدلية التي يستخدمها ضعيف الحجة وقليل الحيلة في النقاش.

والمغالطة هي استخدام الأفكار والمعلومات المضللة في التبرير، وإثارة العواطف من أجل حسم نقاش أو كسب نزاع من الطرف الآخر رغم قوة حجته، بالخداع والمناورة وبطرق تبدو منطقية. أو أدخال طرفًا ثالثاً أو أطرافًا في هامش القضية لتكثر أصوات النقاش على الخصم. وهكذا يصبح "الموهوب في الخطابة وحيل الإقناع ودغدغة المشاعر كفيلا بأن يهزم أي عالم يحتكم إلى العقل"

ومن الذكاء بمكان الالتفاف على أصحاب هذا الأسلوب في النقاش بعدم الالتفات إلى هذا الإسلوب الجدلي وحصره في زاوية القضية المطروحة.

ومن الطرق الجدلية المطروحة في أسلوب المغالطة

طريقة الشخصنة

أن يعمد المغالط إلى الطعن في "شخص" الخصم ويهاجمه هو بدلا من مناقشة فكرته، فيلجأ لسبه مثلا أو اتهامه بشئ ما ليصرفه عن فكرته الأصلية فينشغل بالدفاع عن نفسه كأن يقول له مثلاً في حشو الكلام (أتأمرون الناس بالبر ......) فيلتفت عن قضيته أو فكرته الأصلية بأن يدفع عن نفسه هذه التهمة وهذه من أخبث أساليب المغالطة.

ومنها في القرآن قول موسى عليه السلام لفرعون في طرح قضيته (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) هذه هي قضية موسى عليه السلام (أن أرسل معنا بني إسرائيل) فيلتف عليه فرعون بأسلوب المغالطة بالشخصنة فيقول لموسى عليه السلام (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) فترك قضية بني إسرائيل التي هي القضية المطروحة للنقاش والجدال والتفت إلى شخصنة قضية أخرى مع موسى ليصرفه عن قضيته الأصلية، ثم يطرح قضية ثانية (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) يستخدم أسلوب التعمية في الكلام فلم يذكر فعلة موسى عليه السلام بقتله الرجل فعمى فعلة موسى لتهويلها لمن لم يعرف القضية ولا ملابساتها فتكبر  التهمة في أعين الناس ويذهب كل من الحضور مذهبه، ثم يقول فيها (وأنت من الكافرين) فكأنه يوهم العامة انه كان تبعاً له وعلى مذهبه، فشغله بثلاث قضايا في جملة واحدة قضية أنه عاق لمن رباه في بيته ، وقضية قتل لرجل بغير حق ، وقضية كفره به ، فشعب عليه الأفكار والقضايا ليصرفه عن قضيته الأصلية، ولكن الله ألهم موسى بالجواب فانشغل بالقضايا التي تساعده على الالتفاف عليه فانشغل بقضية القتل وقضية عبادته السابقة له فرد بجملة من أبلغ الجمل في الحوار فقال (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) فأقر بفعلته، ونفى عن نفسه عبادته إياه فقال: (فعلتها) فأقر بفعلته (وأنا من الضالين) ولم يقل من الكافرين كما أراد فرعون أن يجره للاعتراف بعبادته السابقة إياه. ثم ثم أردف بالدفاع في أقصر وأبلغ جملة  فقال (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) لأنك لست رجلاً عدلاً تسمع دفاعي وأنه لم يكن قتل عن عمد.. ثم التف بأقصر طريق وأبلغ وصف فقال (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22)) فعاد إلى أصل قضيته (بني إسرائيل) بعد أن دحض حجته بأقصر طريق وأبلغ حجة.

الاحتكام إلى العامة

تتضمن هذه  الطريقة في المغالطة إدخال شخص آخر في القضية أو أكثر من شخص ليشعب القضية ويشتت الفكر بدلا من الاحتكام إلى العقل، ومحاولة انتزاع التصديق على فكرة معينة بإثارة مشاعر الحشود وعواطفهم، بدلا من تقديم حجة منطقية صائبة.

كقول فرعون لهامان (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا....) وكذلك قوله (فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) أدخل هامان في القضية حتى يشغل العامة بشخوص هامان في المشهد، ولتشتيت قضية موسى عليه السلام بتشتتها بين أكثر من طرف.

أو يستدعي العامة فيوهمهم أنه الراعي للصلاح والإصلاح ويهيجهم على موسى عليه السلام فيقول (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وهنا يأتي دور سدنة المعبد رهبان الدير فيلبون النداء (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)) ومع كل هذا الطوفان الهائج والقتل المستعر، قتل الفكر وقتل النفس، تأتي سفينة النجاة والفكر المستنير، يقول موسى (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128))

هي الطريقة القويمة  والنصيحة السديدة والرشاد الذي ليس معه حيرة  (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ) وهي مقولة المؤمنين ( وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ )

بقي موسى الحق وذهب فرعون الباطل إلى أسفل سافلين

(كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)

 

 

الاسمبريد إلكترونيرسالة