-->
U3F1ZWV6ZTIxMjczMTA0OTU1X0FjdGl2YXRpb24yNDA5OTQ5MzAyNzQ=
recent
أخبار ساخنة

دورة إعجاز الرسم القرآني ويتكون من مقدمة وتسعة مباحث الجزء الأول


الجزء الأول

دورة إعجاز الرسم القرآني

ويتكون من مقدمة وتسعة عناصر

مقدمة

المبحث الأول: 

حفظ القرآن  وتحته ثلاث مطالب- حفظه في السماء – حفظه في نزوله إلى الأرض – حفظه  على الأرض.

المبحث الثاني:  

  تعريف الرسم  وتحته ست مطالب  - أقسام الرسم العثماني باعتبار موافقة رسم الكلمة للفظها
أقسام الرسم العثماني باعتبار قواعده وموضوعه.

المبحث الثالث: 

علم رسم القرآن - تعريفه – موضوعه – فوائده.

المبحث الرابع:

حكم الالتزام بمرسوم الخط العثماني.

المبحث الخامس: 

جمع القرآن  وتحته أربعة مطالب- معنى الجمع لغة واصطلاحاً 
 كتابة القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم - جمع أبي بكر الصديق وأسبابه - جمع عثمان بن عفان وأسبابه.

المبحث السادس:

هل رسم القرآن توقيفي وتحته ثلاثة مطالب: المذهب الأول وأدلته
 – المذهب الثاني وأدلته – المذهب الثالث وأدلته - صفوة القول في المذاهب الثلاث.

المبحث السابع: 

قواعد رسم المصحف وفيه ستة مطالب: الحذف – الزيادة – الهمز – البدل – الوصل والفصل – ما فيه قراءاتان.

المبحث الثامن: 

الفتح الرباني في توجيه الرسم القرآني وهو بيت القصيد في الدورة.

المبحث التاسع:

شبهات وردود.         


أولاً: مقــــــــــدمة

القرآن الكريم

سماه قرآنا فقال: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} الآية
وسماه نورا فقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} 
وسماه هدى فقال: {هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ}
وسماه رحمة فقال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} 
وسماه فرقانا فقال: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} الآية 
وسماه شفاء فقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ}  
وسماه موعظة فقال: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ}
وسماه ذكرا فقال: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ}
وسماه كريما فقال: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}
وسماه عليا فقال: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}
وسماه حكمة فقال: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}
وسماه حكيما فقال: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} 
وسماه مهيمنا فقال: {مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} 
وسماه مباركا فقال: {كتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} الآية
وسماه حبل الله فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}
وسماه الصراط المستقيم فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً}
وسماه القيم فقال: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً} 
وسماه فصلا فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ}
وسماه أحسن الحديث فقال: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الآية 
وسماه روحا فقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا}
وسماه بيانا فقال: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} 
وسماه علما فقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}
وسماه حقا فقال: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} 
وسماه الهادي فقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي}
وسماه صدقا فقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} أي بالقرآن    
وسماه عدلا فقال: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً}
وسماه بشرى فقال: {هُدىً وَبُشْرَى}          
وسماه مجيدا فقال: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ}
وسماه عزيزا فقال: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}       
وسماه بلاغا فقال: { هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ}
وسماه أحسن قصص فقال : {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} 
وسماه أربعة أسامي في آية واحدة فقال: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}

المبحث الأول

حفظ القرآن الكريم

المطلب الأول : حفظ القرآن الكريم في السماء .

لقد حظي كتاب الله عز وجل بالحفظ والعناية منذ أن كان في السماء حيث أودعه الله كتابا مكنونا وأقسم الله تعالى على هذه الحقيقة بقسم عظيم .
فقال : { فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ }{ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }
{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }{ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ }{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }{ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ( الواقعة : 75، 80)
وقال عز وجل { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ }{ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ }{ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ }{ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } (عبس : 13، 16 ). 
فهو في اللوح المحفوظ ، مصون مستور عن الأعين ، لا يطلع عليه إلاّ الملائكة المقربون ، ولا يمسه في السماء إلاّ الملائكة الأطهار.
ولا يصل إليه شيطان ، ولا يُنال منه , فالشياطين لا تمس هذا الكتاب ، وليس لها سبيل إليه ، وإنما تحف به الملائكة المقربون.
 ويؤكد الله تعالى وصفه بكونه مكنونا بوصفه بكونه محفوظا في قوله تعالى { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ }{ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } ( البروج : 21، 22 ).

المطلب الثاني : حفظ القرآن الكريم في طريقه إلى الأرض

حفظ الله عز وجل القرآن الكريم وهو في طريقه إلى الأرض فجاء به روح مطهر.
فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل ، ولا وصول لها إليه ، قال تعالى
 { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ }{ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } (الشعراء : 210، 211 ).
 وإنما تناله الأرواح المطهرة وهم الملائكة , وحَفِظَه من الشياطين التي كانت تسترق السمع طلبا لخبر السماء ، فحفِظه بالحرس الأقوياء من الملائكة 
وبالكواكب التي تحرق وتمنع من أراد استراق السمع .
قال تعالى على لسان الجن { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا }
{ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا }
{ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } (الجن: 8- 10 ).
 وقال عز وجل { وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ }
{ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ }
{ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } { إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } (الصافات : 7- 10)
إذن حفظ الله عز وجل القرآن الكريم وهو في السماء ، وعند نزوله منها، وبعد نزوله إلى الأرض . وهو ما سنتحدث عنه في المطلب التالي :

المطلب الثالث: حفظ القرآن الكريم على الأرض .

لقد حفظ الله عز وجل القرآن الكريم على الأرض بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي استقبله فأحسن الاستقبال ، وحفظه أتم حفظ.
 وقام به خير قيام ، وبلغه أحسن تبليغ والشواهد على ذلك كثيرة منها :
1- قوله تعالى { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ }{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }
{ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ }{ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } (القيامة : 16 - 19).
 فكان صلى الله عليه وسلم حين نزول القرآن عليه يتعجل ويبادر بأخذه ، واختلف في سبب ذلك .
* فقيل : لما يجده من المشقة عند النزول ، فيتعجل لتزول المشقة سريعا.
* وقيل خشية منه صلى الله عليه وسلم أن ينساه ، أو يتفلت منه شيء .
* وقيل : لأجل أن يتذكره .
* وقيل : من حبه إياه .
قال ابن حجر - بعد ذكر هذه الأسباب - "ولا بُعد في تعدد السبب" .
وأخرج البخاري أيضا عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } 
قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل عليه بالوحي ، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه ، فيشتد عليه.
 وكان يُعْرفُ منه فأنزل الله  { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ }{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } قال : علينا أن نَجْمعَهُ في صدرك وقرآنه.
{ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } فإذا أنزلناه فاستمع { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } علينا أن نبينه بلسانك .
 قال : فكان إذا أتاه جبريل أَطْرَقَ وأنصت، فإذا ذهب قَرَأَهُ كما وعده الله".
2- قوله تعالى { سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى } ( الأعلى : 6)
 حيث تكفل الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم برفع مشقة استظهار القرآن وحفظ قلبه له فلا ينسى ما يقرئه ربه .
3- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن الكريم ومدارسته في كل أوقاته .
فكان يحيي الليل بتلاوة آيات القرآن في الصلاة عبادةً ، وتلاوةً ، وتدبرا لمعانيه.
 حتى تفطرت قدماه الشريفتان من كثرة القيام امتثالا لأمر الله تعالى القائل:
 { يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ }{ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا }{ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا }{ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } ( المزمل :1 - 4)
4- مدارسة جبريل عليه السلام القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم ومع تكفل الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم بحفظه وجمعه في صدره.
 حتى لا يضيع منه شيء ، فإن جبريل - عليه السلام - لم يكتف بتبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن
 بل كان يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام في كل عام مرة حتى يزداد ثبات قلب النبي صلى الله عليه وسلم به ، وليطمئن جبريل عليه السلام أكثر على ما بلغه به .
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : « كان يَعْرضُ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرةً ، فعرضَ عليه مرتين في العام الذي قبض.
 وكان يعتكف كلَّ عام عشرا ، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض » .
5- تعليم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بنفسه :
فقد باشر النبي صلى الله عليه وسلم تعليم المسلمين القرآن بنفسه .
وأمره الله عز وجل بأن يقرأه على الناس على مكث ، أي : تؤدَة وتمهل ، كي يحفظوا لفظه ويفقهوا معناه .
 كما قال تعالى { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } (الإسراء : 106 )
وأخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : "والله لقد أَخذتُ من في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة".
وأخرج عنه أنه قال : « كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنْزِلتْ عليه والمرسلات ، وإنا لنتلقَّاها من فِيه »
وأخرج الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن ، فإذا مَرّ بسجود القرآن سجد وسجدنا معه » .
وأخرج مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال
 « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنا التشهد كما يُعَلِّمنا السورة من القرآن »
 وفي رواية ابن رُمْح « كما يُعَلِّمنا القرآن » .
أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنت أنا وجارٌ لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - وهي من عوالي المدينة .
وكنا نتناوبُ النزولَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما ، فإذا نزلتُ جئتهُ بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعلَ مثل ذلك.
وكان من نتيجة ذلك أن كثر الحفاظ في عهد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ويقرؤونه عليه..

« عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : "اقرأ عليّ ، قلتُ : اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال :

 فإني أحب أن اسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } (النساء : 41). 

قال : أمسك ، فإذا عيناه تذرفان »  وكان مسجده صلى الله عليه وسلم عامرا بتلاوة القرآن يضج بأصوات الحفاظ فأمرهم رسول الله عليه وسلم أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا . 

المبحث الثاني

تعريف الرسم:

لغة: الأثر. قال ابن فارس في مقاييس اللغة: " الراء والسين والميم : الأثَر، إذن  الرّسْم: أثَرُ الشَّيء.
وناقةٌ رَسومٌ: تؤثِّر في الأرض من شِدّة الوطْء. والثَّوب المرسَّم: المخطَّط."  [1]اهـ
ومن مرادفات الرسم: الخطّ والكتابة والزبر والسطر والرقم والرشم بالشين المعجمة والوشم والنقش، وإذا كانت هذه الألفاظ تختلف من حيث الاستعمال.
 لأنّها تدل على رسم خاص إمّا باعتبار آلته أو المادة المكتوب عليه أو موضوعه
 أو غيرها من القرائن والأحوال لتندرج هذه الفروق ضمن قاعدة اختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات...ولكنّها من حيث العموم تدل على ماهية واحدة هي الكتابة...
اصطلاحا: (تصوير الكلمة بحروف هجائها على تقدير الابتداء بها والوقف عليها[3])
أقسام الرسم باعتبار موافقة رسم الكلمة للفظها: ينقسم إلى قسمين
1.   الرسم القياسي: إذا وافق رسم الكلمة لفظها نحو: (الحمد، يوم، نعبد، نستعين، اهدنا، صراط، أنعمت، غير، قال، سمع،كتاب...)
2.   الرسم الاصطلاحي: إذا خالف رسم الكلمة لفظها نحو:
 (الصلوة) بإبدال الألف واوا، (ضحيها) بإبدال الألف ياء، (ملك) بحذف الألف بعد الميم
(يأتين) بحذف الياء بعد النون،(أولئك) بزيادة الواو بعد الهمزة، (إنّ ما) بالفصل (ألاّ) بوصل (أن) بـ (لا)...
أقسام الرسم باعتبار قواعده وموضوعه: ينقسم إلى ثلاثة أقسام
1.   الرسم العروضي: خاص بتقطيع الشعر ومعرفة وزنه وبحره وقاعدته الأولى رسم الكلمة باعتبار النطق بها مطلقا، ثم هو قائم على تتبع الحركات والسكنات وله شكل في الكتابة خاص...
2.   الرسم الإملائي: هو الذي عرّفناه بقولنا: 
(تصوير الكلمة بحروف هجائها على تقدير الابتداء بها والوقف عليها) من صفاته وخصائصه أنّ الأصل فيه القياس 
ولكنّه لا يخلو من الاصطلاح (مخالفة الرسم للفظ)، كما أنّ ممّا يميّزه عن القسمين الآخرين كونه قابل للتطوّر والتغيّر...
3.   الرسم الاصطلاحي أو التوقيفي ، والمقصود به الرسم الذي كتب به المصحف الشريف  وأجمع عليه الصحابة على عهد الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنهم أجمعين، وهو المقصود بالبحث ها هنا.
علم رسم القرآن:
ويسمى الرسم العثماني ورسم المصحف ورسم الإمام وعلم الرسم هكذا دون إضافته لشيء ربما للاستغناء بشهرته أو شهرة نسبته...
تعريفه: "علم تعرف به مخالفات خط المصاحف العثمانية لأصول الرسم القياسي."
موضوعه: موضوع علم الرسم تتبع المصاحف العثمانية من حيث الحذف والزيادة والإبدال والفصل والوصل [والاختلاف]
 فهذه العوارض الستّة هي التي يبحث فيها علم الرسم وتمثل قواعده ومسائله وأبوابه.
ويضيف كثير من الكاتبين باب يخصونه للهمز فإذا كان هذا التخصيص والإفراد يُقصَد به تقريب مسائل الهمز وتيسير فهمه واستيعابه، فلا ضير في ذلك.
 وأما إن قصد بهذا التخصيص اعتباره قاعدة من قواعد الرسم كالحذف والزيادة والإبدال.
فهو خطأ بيّن لأنّ مسائل الهمز – بشيء من التأمل والتمعن - جميعها تندرج تحت قاعدتي: الحذف والإبدال.
ولأنّ الرسم المقصود بالدراسة هو ما سطّره الصحابة رضي الله عنهم والصحابة لم يرسموا همزة قطّ...فكيف يدرج في هذا العلم ما ليس منه. 
ولهذا يقتضي التحقيق - والله أعلم - أن تدرج مسائل الهمز في علم الضبط لا الرسم، تماما كما فعل  الأستاذ المحقق  الشيخ محمد بن علي الضباع في سمير الطالبين
فوائده:
1.   لعلّ من أهمّ فوائده كون الصحابة رضي الله عنهم جعلوه معيارا لقبول القراءة الصحيحة.
 فقد حصروا القرآن المحكم المثبت في العرضة الأخيرة فيما اشتملت عليه مصاحف عثمان رضي الله عنه وحرّقوا كلّ ما سواه ومنعوا القراءة به.
وهذا يجعل لرسم الإمام أهمية بالغة وفائدة خطيرة إذ به يعرف ما هو قرآن وما ليس كذلك...يقول الأستاذ إبراهيم المارغني: "...
ومن فوائده تمييز ما وافق رسم المصاحف من القراءات فيقبل.
وما خالفه منها فيرد، حتى لو نقل وجه من القراءة متواتر ظاهر الوجه في العربية إلا أنّه مخالف لرسم المصاحف.
فإن كانت مخالفته من نوع المخالفات المسطورة في الفنّ قبلت القراءة وإلاّ ردت..."
2.   احتياج القارئ إلى كثير من مسائل الرسم لتجويد القراءة وتصحيحها فمن ذلك الوصل والفصل والإبدال وكثير من متعلقات الوقف والابتداء
3.   توجيه وفهم كثير من مسائل القراءات متعلق بفن الرسم ومسائله ويظهر ذلك أكثر ما يظهر في مباحث الوقف والهمز
·       منها الدلالة على الأصل
·       النّص على بعض اللغات واللهجات العربية الفصيحة
·       إفادة مختلف المعاني كالوصل والفصل
4.   تاريخيا يعتبر علم الرسم شاهدا حيّا وصحيحا لبيان طبيعة الكتابة وحقيقتها على عهد الصحابة رضي الله عنهم، كما يعدّ شاهدا للتطور الحضاري
 وتفاعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع تقنيات عصرهم بما يخدم دينهم ودولتهم ودعوتهم...
5.   أخذ مختلف القراءات برسم واحد كنحو اختلاف الخطاب والغيب ونحو (ننشرها) و(ننشزها) ونحو (فتثبتوا) (فتبينوا) ونحو (يخادعون) و (يخدعون)...
6.   احتياج القارئ إلى من يوقفه ويعلّمه كيفية التلاوة والقراءة على خلاف باقي الكتب حتى لا يتطاول عليه المتطاولون بغير حق ولا علم ولا روية...
ولمتابعة الدورة صوت اضغط هنا


الاسمبريد إلكترونيرسالة