الإمام الباقلاني
التقى الإمام أبو بكر الباقلاني-رحمه
الله وكان مشهورًا بالمناظرة- التقى راهبا نصرانيًا. فقال النصراني: أنتم المسلمون
عندكم عنصرية. قال الباقلاني: وما ذاك؟ قال النصراني: تبيحون لأنفسكم زواج
الكتابية - اليهودية أو النصرانية- ولا تبيحون لغيركم الزواج ببناتكم. قال له
الإمام: نحن نتزوج اليهودية لأننا آمنا بموسى، ونتزوج النصرانية لأننا آمنا بعيسى،
وأنتم متى ما آمنتم بمحمد زوجناكم بناتنا. فبهت الذي كفر، دهاء في الرد وحكمة في
التلفظ.
كان أبو بكر الباقلاني -رحمه الله تعالى- من كبار علماء عصره، فاختاره ملك العراق وأرسله في عام ٣٧١ للهجرة لمناظرة النصارى في القسطنطينية. عندما سمع ملك الروم بقدوم أبي بكر الباقلاني أمر حاشيته أن يُقَصّروا من طول الباب بحيث يضطر الباقلاني عند الدخول إلى خفض رأسه وجسده كهيئة الركوع فيذلّ أمام ملك الروم وحاشيته. لما حضر الباقلاني عرف الحيلة فأدار جسمه إلى الخلف وركع ثم دخل من الباب وهو يمشي للوراء جاعلاً قفاه لملك الروم بدلاً من وجهه ! هنا علم الملك أنه أمام داهية ! دخل الباقلاني فحياهم ولم يسلم عليهم (لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابتداء أهل الكتاب بالتسليم) ثم التفت إلى الراهب الأكبر وقال له : "كيف حالكم وكيف الأهل والأولاد؟"
غضب ملك الروم وقال: "ألم تعلم بأن رهباننا لا يتزوّجون ولا ينجبون الأطفال؟" فقال أبو بكر: الله أكبر! تُنَزّهون رهبانكم عن الزواج والإنجاب ثم تتهمون ربكم بأنه تزوج مريم وأنجب عيسى؟" فزاد غضب الملك! ثم قال الملك -بكل وقاحة-: "فما قولك فيما فعلت عائشة؟ " قال أبو بكر: " إن كانت عائشة رضي الله عنها قد أتهمت (اتهمها المنافقون والرافضة) فإن مريم قد أتهمت أيضا (اتهمها اليهود)، وكلاهما طاهرة، ولكن عائشة تزوجت ولم تنجب، أمّا مريم فقد أنجبت بلا زواج ! فأيهما تكون أولى بالتهمة الباطلة وحاشاهما رضي الله عنهما؟" فجن جنون الملك!
قال الملك: "هل كان نبيكم يغزو؟!"
قال أبو بكر: "نعم"
قال الملك: "فهل كان يقاتل في المقدمة؟!"
قال أبو بكر: "نعم"
قال الملك: "فهل كان ينتصر؟!" قال أبو بكر: "نعم"
قال الملك: "فهل كان يُهزَم؟!" قال أبو بكر: "نعم"
قال الملك: "عجيب ! نبيٌّ ويُهزّم؟"
فقال أبو بكر: "أإله ويُصلَب؟" فَبُهِتَ الذي
كفر!!