هشام بن عمار والإمام مالك
ﻗﺼﺔ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍلله ﺃﺭﺍﺩ ﺃﺑﻮﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻪ ، ﻓﺒﺎﻉ ﺑﻴﺘﺎً ﻟﻬﻢ ﻭﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﻮﻟﺪﻩ ﻟﻴﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻳﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .. ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﺴﻤﻊ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺧﻄﺄ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺭﺩّ ﻋﻠﻴﻪ . ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺟﻼً ﻣﻬﻴﺒﺎً ، ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺴﻤﺖ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺮﺍﺋﻲ ﻟﻪ ﻳﺠﻠﻪ ﻭﻳﻌﻈﻤﻪ .. ﻳﺪﻉ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻓﻤﺎ ﻳﺮﺍﺟﻊ ﻫﻴﺒﺔ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﻋﺰ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﻠﻮﻥ ﻧﻮﺍﻛﺲ ﺍﻷﺫﻗﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻤﻄﺎﻉ ﻭﻟﻴﺲ ﺫﺍ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻓﺠﺎﺀ ﻫﺸﺎﻡ ، ﻭﻫﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺻﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻄﻠﺐ ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻳﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﺣﺪﺛﻨﻲ . ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ : ﺍﻗﺮﺃ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺭﺩﺩﻧﺎ ﻋﻠﻴﻚ . ﻗﺎﻝ ﻫﺸﺎﻡ : ﺑﻞ ﺃﻧﺖ ﺣﺪﺛﻨﻲ . ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ : ﺍﻗــﺮﺃ ! ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺭﺩﺩﻧﺎ ﻋﻠﻴﻚ . ﻗﺎﻝ ﻫﺸﺎﻡ : ﺑﻞ ﺣﺪﺛﻨﻲ . ﻓﻐﻀﺐ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﻗﺎﻝ ﻷﺣﺪ ﺍﻟﻄﻼﺏ ، ﻗﻢ ﻳﺎ ﻏﻼﻡ ﻓﺎﺟﻠﺪﻩ ﺍﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺳﻮﻃﺎً . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻊ ﻃﻼﺑﻪ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻷﺏ ﻣﻊ ﺃﻭﻻﺩﻩ ، ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﻬﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺻﻠﺢ ﻟﻬﻢ .. ﻓﻘﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻓﺠﻠﺪﻩ ﺍﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺳﻮﻃﺎً . ﻓﺠﻌﻞ ﻫﺸﺎﻡ ﻳﺒﻜﻲ . ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻣﺎﻟﻚ : ﻃﺎﻟﺐ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﻳﺒﻜﻲ ؟! ﻓﻘﺎﻝ ﻫﺸﺎﻡ : ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺑﻜﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻀﺮﺏ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺑﻜﻲ ﻷﻥ ﺃﺑﻲ ﺑﺎﻉ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻨﻲ ، ﻓﻜﺎﻧﻲ ﺣﻈﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻀﺮﺏ والله لا أسامحك !! ﻓﺮﻕّ ﻟﻪ ﻣﺎﻟﻚ ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﺇﺫﻥ ﺃﺑﺤﻨﻲ ، ﺃﻱ ﺳﺎﻣﺤﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﺮﺏ . ﻓﻘﺎﻝ ﻫﺸﺎﻡ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺃﺑﻴﺤﻚ ، ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺪﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﻁ ﺣﺪﻳﺜﺎً ! ﻓﺤﺎﻭﻝ ﻣﻌﻪ ﻣﺎﻟﻚ ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺻﺮ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺎﻣﺤﻪ ﺇﻻّ ﺇﺫﺍ ﺣﺪﺛﻪ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﻁ ﺣﺪﻳﺜﺎً . ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺇﻻّ ﺃﻥ ﺣﺪﺛﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻋﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﻁ . ﻓﻘﺎﻝ ﻫﺸﺎﻡ : ﻳﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﺯﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻭﺯﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ !!