-->
U3F1ZWV6ZTIxMjczMTA0OTU1X0FjdGl2YXRpb24yNDA5OTQ5MzAyNzQ=
recent
أخبار ساخنة

تعظيم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم

 

تعظيم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له

أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث مسور بن مخرمة رضي الله عنه في حديث صلح الحديبية وفي هذا الحديث أن عروة بن مسعود الثقفي وكان إذ ذاك كافرًا قال لقريش: ألست منكم بمنزلة الولد؟ قالوا: بلى، قال: ألستم مني بمنزلة الوالد؟ قالوا: بلى، قال: فدعوني آته -يقصد النبي عليه الصلاة والسلام- فأعرض عليه وقد عرض عليكم خطة رشد، وكان النبي r قال لبديل بن ورقاء قبل عروة بن مسعود: "إننا ما جئنا لقتال إنما جئنا قاصدين البيت"، وكان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام قد أهلوا بالعمرة فصدتهم قريش عن البيت, فقال النبي عليه الصلاة والسلام لبديل بن ورقاء: "إننا ما جئنا لقتال إنما جئنا قاصدين البيت فإن شاءوا ماددتهم مدة وإلا فوالله لأقاتلنهم على أمري حتى تنفرد سالفتى", يعنى: أنا إذا دخلت في حرب, أنا لا أتهاون ولن أتردد أبدًا في أن أدخل في حرب، إنما إذا أرادوا الهدنة ماددتهم مدة أخرى..

هذا الكلام لم يعجب قريشًا وظلت المسائل في شد وجذب فلما رأى عروة بن مسعود الثقفي هذا الشد والجذب قال: فدعوني آته ربما يكون هناك أمور أخرى في المفاوضات فيقول قولاً آخر بخلاف ما قاله لبديل بن ورقاء, ثم إن عروة بن مسعود قال قولاً ليؤكد أمانته في رفع التقرير، قال: ألستم مني بمنزلة الوالد؟ وعادة لا يخدع الولد والده، قالوا: بلى، قال: ألست منكم بمنزلة الولد؟ يعني أنتم مني بمنزلة الوالد وأنا منكم بمنزلة الولد, يعني مسألة الخيانة في رفع التقرير هذه مسألة غير واردة -قالوا بلى- قال: دعوني آته, فجاء النبي عليه الصلاة والسلام, فقال له نحوًا من قوله لبديل بن ورقاء, فجاءه عروة بن مسعود فقال: يا محمد, إنها واحدة من اثنتين إذا قامت الحرب بيننا وبينك واجتحت قومك وغلبتهم ووضعت أنوفهم في التراب فهل علمت أحدًا اجتاح قومك قومه قبلك؟ كأنه يذكره أن هذا ليس من مكارم الأخلاق -إنك إن ظفرت بقومك وأهلك وعشيرتك فإنك تفعل فيهم كل ذلك، وإلا كأنه قال: وما أخالك تستطيع أن تفعل كل ذلك وإذا قامت الحرب فوالله ما أرى حولك إلا أوباشًا خليقًا أن يفروا ويدعوك، قال أبو بكر t: أنحن نفر وندعه؟ وقال له كلمة عظيمة، فقال عروة بن مسعود: من هذا؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "إنه ابن أبى قحافة", فقال: والله لولا أن لك عليّ يدًا لأجبتك..

وفي رواية محمد بن إسحاق عن الزهري عن المسور في هذا الحديث قال: ولكن هذه بتلك، يعني هذه الإساءة منك أكلت جميلك السابق وليس لك عندي جميل، فمعنى الكلام: أنك لو تكلمت في حق آلهتنا لرددت عليك لأنك استوفيت جميلك السابق بهذه الكلمة العظيمة، ثم كان وقت الظهر فجيء للنبي صلى الله عليه وسلم بوضوء -وترك النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه يفعلون ما كان ينهاهم عنه قبل ذلك وهذه سياسة حكيمة- هذه هي السياسة الشرعية -رعاية المصالح- النبي كان ينهى الصحابة عن القيام فقد فعلوا في هذا الموقف ما هو أعظم من القيام ومع ذلك تركهم النبي صلى الله علي وسلم لماذا؟ حتى يرى عدوه أن هؤلاء لا يسلمونه أبدًا وأن هؤلاء لو دخلوا في حرب لا يهزمون، وجيء بوضوء فتوضأ النبي r فاغتسل أصحابه على وضوئه، ما سقطت قطرة ماء على الأرض.

وكان ينهى عن أقل من ذلك -ولما قال له رجل: أنت سيدنا وابن سيدنا قال: "قولوا بقولكم ولا يستجدينكم الشيطان إنما أنا عبد الله ورسوله"، مجرد كلام قاله الرجل وهو كذلك، هو سيدنا لا شك في ذلك ومع ذلك يقول: "قولوا بقولكم ولا يستجدينكم الشيطان إنما أنا عبد الله ورسوله", تركهم يغتسلون على وضوئه وما تنخم نخامة فوقعت في يد رجل إلا دلك بها وجهه وجلده، ولا يحدون النظر إليه تعظيمًا له -أي لا ينظر إليه فيملأ عينيه منه ولكن كان يصوب وجهه إلى الأرض- ولا يرفعون أصواتهم عنده.

فرجع عروة إلى أصحابه وقال: أي قوم قد وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي, فوالله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ محمدًا! وحدثهم ما رأى وما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

الاسمبريد إلكترونيرسالة